المهن والحرف الشهيرة المزاولة في التاريخ

المهن والحرف الشهيرة المزاولة في التاريخ

أولا – مقدمة عامة عن المهن والحرف:

المهنة هي المحرك الأساس لكل مجتمع ، ويشتهر كل مجتمع في زمن من الأزمان بمهن معينة قد تصبح تلك المهن في يوم من الأيام مجرد تراث يتذاكره الأبناء عن أبائهم وأجدادهم ، سوف نحاول هنا تسليط الضوء على الحرف والمهن التي كانت لدى أجدادنا علماً أن بعض  تلك المهن ما زالت تمارس إلى يومنا الحاضر إلا أن الطريقة تبدلت والأسماء تغيرت ، ولكننا ، سوف نحاول أن نبين الحالة المهنية من واقع تراث أبائنا وأجدادنا .  

ثانيا – بعض أنواع المهن الحرف وتعريفها:

هناك العديد من المهن والحرف التي توارثناها عن أجدادنا والتي تعتبر من المميزات التاريخية التي تشتهر بها المغرب، وأيضا تشتهر بها مجموعة من الدول حول العالم، إلا أن المغرب بقي محافظا عليها على مر الزمان والتي اخترنا التحدث لكم عنها من خلال السطور التالية:

  • الخراز من المهن والحرف المزاولة:

هو الذي يقوم بصنع وتصليح الأشياء الجلدية كالأحذية والقرب التي تستخدم للماء أو لخض اللبن ، ويزاول الخراز عمله في مكان خاص به في السوق ، ويستخدم في ذلك نوعاً من الإبر الكبيرة والخيوط المتينة بالإضافة إلى الجلد المستعمل في حالة ترقيع الأغراض الجلدية.

  • الخباز من المهن والحرف المزاولة: 

كانت بيوت القطيف متكيفة مع الوضع البيئي الذي تسايره إذ أنها تعمل على توفير خبزها بنفسها وبالطرق التي تحلو لها إما بواسطة التنور و إما صفيحة التاوة ، ثم أصبح عمل الخبز مهنة تفرغ لها الرجل خارج البيت ، وتفنن في عمل الخبز فوضع عليه السمسم وزخرف القرص . وتتطلب هذه المهنة طشتا ومحورا وتختا وكمجة لرفع الخبز من التنور.

فيوضع في الطشت الطحين والماء والملح والخميرة ، وبمجموع ذلك يتكون العجين ، وبعد تخميره يوضع العجين على التخت ويباشر الخباز بعمل الخبز وذلك بعد تحوير العجينة حيث يتم وزنها بقبضة اليد ثم يضعها على المزلقة فيضرب بها جنب التنور ليلصق العجين وعندما يلاحظ نضج القرص يرفعه بالكمجة ، وقد برز أهل القطيف بعمل الخبز الأصفر، ويستخدم السجين والتلال لإشعال النار في التنور .

  • النـداف من المهن والحرف المزاولة:

هو من يقوم بعمل فرش النوم والتكايات ( المساند ) ومراتب الجلوس ( المطارح ) والنهيلي ( غطاء مزدوج ) وقد كانت الأدوات التي يستخدمها النداف قديماً بسيطة ويدوية ولم يستخدم فيه الآلة على الإطلاق وغالبا ما يستخدم نفس القطن القديم الذي يعمل على تجديده بتنجيده بالآلة البسيطة ليكون صالحا للاستعمال مرة أخرى

  • الخياط من الحرف المهمة في كل وقت:

كانت مهنة الخياطة ميزة للفتاة ، فكان الأهالي يعتمدون اعتمادا كليا على ما تنتجه النسوة من خياطة باليد أو آلات الخياطة المنزلية وتسمى ( مكينة ) التي ظهرت مؤخرا فكانت بعض النساء تسترزقن من مهنة خياطة ملابس أهالي الحي وذلك مقابل أجور نقدية أو عينية ، وبعدها أصبح للرجال مهنتهم الخاصة بعمل ملابس الرجال وأغطية المساند ومراتب الجلوس وغيرها ، بالإضافة إلى قيامهم بعمل عبي للنساء عدى التقصير فكان من عمل النساء التزاما بتعاليم الدين الحنيف . 

وكان للملابس طابع مميز من حيث دقة التطريز والخيوط الفضية و الذهبية والألوان الزاهية وكانت الأقمشة تجلب من الهند والبحرين . وهناك أشكال معينة للتفصيل تحدده الزبونة منها : دراعة ، ثوب منشل ، بخنق ، سروال .. الخ بالإضافة إلى العبي والبواشي والشيلة والمشمر . 

وكانت الخياطة باليد بالإبرة والخيط قبل ظهور آلات الخياطة ، وتسمى طريقة الخياطة : اجفافة ، شلالة ، لقط، الخ، وتزين الملابس بالزري وبالتيل والترتر والبرسم ، أما العبي فتطرز بالشلش العريض وفيه اثنا عشر دور أو الشلش الصغير وفيه دور واحد أو دورين وهو الأكثر استعمالاً . 

  • الدلال من المهن والحرف المزاولة:

الشخص الذي تخصص في البحث عن أي مفقودات مثل الماشية عندما تخرج من البيت دون انتباه الأهل لها ، أو عندما يجد أي إنسان شيئاً مفقوداً لا يخصه فإنه يعطيه للدلال ليدلل عليه بعد إعطائه أوصاف الشيء المفقود ، أو عند فقد طفل من أهله فيأخذ أوصافه فيقوم بالتجوال في الأسواق والأحياء بحثا عن ( الضالة ) مقابل مبلغ من المال يتم الاتفاق عليه . 

وهناك فئة أخرى تسمى نفس الاسم ( الدلالين ) حيث يقومون بالتدليل على الأغراض مثل المنسوجات والأواني والصناديق التي لا يرغب أصحابها فيها وذلك في وسط السوق مقابل مبلغ من المال.

  • التاجر من المهن والحرف المزاولة:

اشتهرت هذه البلدة منذ أقدم العصور بتجارتها حيث كانت منطقة القطيف مركز التجارة الأولى لاعتماد عشرات الآلاف من البدو والحضر على ما يعرض في الأسواق من بضائع حيث كانت تشتهر بتجارة التوابل والعطور واستخراج اللؤلؤ وزراعة و إنتاج التمور . 

فالقطيف تستورد البضائع من مختلف الأقطار وتقوم بتصديرها إلى مختلف مناطق شرق الجزيرة العربية حيث أن واردات القطيف معظمها من البحرين وهي : الأرز والقهوة والتوابل والسكر ، ويستورد الأرز كذلك من البصرة . 

أما أهم صادرات القطيف هي : التمر الذي يصدر إلى البحرين والهند وعمان وإيران ، كما يصدر سائل التمر (الدبس) إلى البحرين وساحل عمان وإيران ويصدر جريد النخيل إلى البحرين وإيران لأعمال البناء ( البرستجات ) وللوقود ، كما تصدر إليهما الأخواص لصناعة الحصر ، ويصدر اللؤلؤ والسلوق ( التمر المطبوخ والمجفف ) والتمور إلى الهند ودول الخليج العربي . 

ويزور تجار القطيف البحرين بين فترة وأخرى لشراء البضائع اللازمة لهم وهناك بعض تجار البحرين المقيمين في القطيف كما أن هناك تجارة مباشرة بين القطيف والهند لشحن البضائع لكل من البلدين . 

وقد تمتع مرفأ دارين قديما ـ الذي يعتبر أشهر مرافئ شبه الجزيرة العربية ـ بشهرة فائقة في العصور الخالية حيث كانت ترد إليها السفن من الهند محملة بالتوابل والمنسوجات والسيوف الهندية والمسك والبخور والأحجار الكريمة والخشب الفاخر والعاج إلى غير ذلك . 

وبقيت القطيف المنطقة التجارية الأولى في شرق الجزيرة حتى تم تأسيس ميناء الدمام ، وتأسيس سكة الحديد بالدمام ، لتصل إلى كل بلدان العالم.

  • الحلاق أو الحجام من المهن الشهيرة:

 وهو من يقوم بأعمال الحلاقة والتزيين ، وكان على نوعين : 

حجام دائم ويكون له دكان في وسط البلدة أو في الأسواق وعدته الإبريق والمنشفة والسطل والصابون والموسى والمشط إلى غير ذلك ، إضافة لبعض أدوات الطب الشعبي . 

حجام متنقل: أو متجول هو الذي ليس له محل ثابت أو دكان خاص . 

وقد كانت طريقة الحلاقة بسيطة للغاية فكان المحسن يجلس زبونه في أي مكان يلتقي به وعلى الأرض متربعاً فيبدأ بوضع الماء على رأس الزبون مع الصابون ويفركه جيدا ثم يبدأ الحلاقة بالموس ويقص من لحيته وشاربه إن أراد. 

كما يمكن أن يحدد الشخص موعداً مع المحسن ليحلق له شعره في بيته وخاصة الكبار من الأهالي وبعض العوائل لهم محاسنية محددين، وتكون الحلاقة على نوعين : الصفر ويسمى بالأقرع ، و ( التواليت ) وهي مجرد التعديل . 

وكان المحسن أو الحجام أو الحلاق يقوم بأعمال الطب الشعبي من علاج الجرحى والحروق وقلع الأسنان وختان الأطفال ما يسمى بالتطهير ، كما يقوم بالفصادة والحجامة وعلاج الكسور . 

  • المطهر من المهن القديمة الرائجة:

هو من يقوم بتختين الأطفال ويسمى المختن أو المطهر ، فعندما يؤتى له بالطفل يقوم بعمله بواسطة الموسى وبعض المطهرات من الباتات و الأعشاب . وعادة ما يكون ذلك في حوش البيت بعد مداعبته وإعطائه بعض الحلويات ، ويوضع الطفل في حجر والده أو فوق صندوق خشبي ويغطى بالخيش.

 وبعد عملية الختان يعصر الريحان و نبات الحوا ويوضع مكان الجرح ويلف بقطعة قماش وفي اليوم الثاني يحضر المختن لتغيير قطعة القماش . وبعض الأمهات تقوم بعمل نذر بعد تطهير طفلها وتوزع الحلويات والمكسرات على الأهالي ، وعملية التطهير تتم بمبلغ زهيد.

  • التناك من المهن والحرف المزاولة:

هو من يقوم بصناعة وبيع الأدوات المعدنية التي تستخدم في البيوت مثل ( المنقلة ) وهي الموقد الذي يشعل فيه الفحم ، ومثل ( الطشت ) وهو صفيحة دائرية تستخدم لغسل الملابس ، و ( المحقان ) و ( المنقاش ) و ( المشخال ) . كذلك يقوم التناك بصناعة الصناديق المعدنية.

خلاصة عامة:

تعتبر المهن والحرف من الخصائص التي تميز كل مجتمع على حدة، حيث تتم مزاولتها بطرق مختلفة حسب العادات والتقاليد المتنوعة والمتعددة، وهي من الخصائص التي يمكن أن تكون ضمن لائحة الأشياء التاريخية التي لا يمكن الاستغناء عنها أو استبدالها مهما تطورت الحياة، ومهما عرفت من عصرنة وتوفر الآلات إلا أن المهن والحرف تبقى يدوية مميزة خالدة.